الزلزال..........

من طرف **Angel Eyes** الخميس مارس 31, 2011 1:15 am

اليكم الجزاء الاول من قصتي ( الزلزال )

- - "استنى يا عصااااااااام"
- صرخت سحر وهي سيدة في الثلاثين من عمرها متوسطة الجمال تلبس حجابا بغير هندام وذلك عندما رأت (مول) في الطريق وتذكرت ان لديها بعض الاشياء لتشتريها، فبالرغم ان زوجها إبتاع الكثير من الاشياء مؤخرا تحضيراً لزيارتهم لمصر .. فقد مر عليهم عامين كاملين في اليابان ولم يزوروا مصر فيها.
- هذه الصرخة أصابت اذني عصام زوجها بالصمم كالعادة، وقد اتسعت عيناه تحت العوينات السميكة، وقد ضغط على مكابح السيارة فجأة فارتفع كرشة الى المقود وتعالت ضربات قلبه.
- وعصام رجل في الاربعين من العمر، قد وجد فرصة عمل في اليابان منذ بضعة اعوام وتزوج سحر واتى بها الى هنا وهذه ثاني زيارة له الى مصر مع سحر ..
- -" فيه ايه سحر"
- قالها عصام وهو مغطاظا يضغط على اسنانه..
- -" استنى يا عصلم الله يخيلك هروح اشتري شويه حاجات من المول ده .. اكل وكده .. واغير لعمر كمان .."
- -" ماحنا هناكل في الطيارة .. هو انت مابتشبعيش .. انت مش شايفة كرشك يا سحر .."
- خرجت سحر من السيارة وهي تحمل ابنها وتسحب حقيبتها الكبيرة وقالت ..
- -"الله؟... تيجي معايا يا على .."
- نظر لها صبي في الخامسة من العمر من المقعد الخلفى من السيارة وقال ...
- -" لا .. انا مبمشيش مع حريم .. انا هفضل مع بابا "
- نظرت له سحر بغضب واخذت تغمغم بعبارات وهي متجة الى السوق التجاري
- -" حريم؟!! .. وانت متربي في اليابان؟!! .. امال لو كنت ربيتك في كفر شكر عند خالك كنت عملت ايه !!"
- * * *
- عندما دخلت سحر الى (المول ) اوقفتها فتاه يابانية تبدو وكانها من فتيات افلام الانيمي المشهورة لدى اليابانيين، واخذت تحرك يديها ببعض الاشارات امام عينا سحر الضيقتين التى تحاول جاهدة ان تفهم .. وهنا رفعت الفتاه قدمها واشارت الى جوربها الصوفي المقلم ... فقالت سحر باللغة اليابانيه في تفهم
- " – اه .. شرابات .. لا معرفش بس متاهالي في الدور الثالث .. بس مش متاكده .."
- شكرتها الفتاه بابتسامة رقيقة وانصرفت ..
- -" لازم ارتب افكاري .. هقوله في الطيارة .. لا .. اخاف يحصله حاج في الجو .. طب اعمل ايه .."
- قالتها سحر وهي تجر قدميها قاصدة المصعد وقد وضعت هاتفها المحمول في جيب بنطالها القماشي .. وضغطت على الزر الطابق الرابع وتمهلت قليللا ... ما هي الا ثوان وشعرت بأن الارض مائله الى اليمين وأزاحت قدميها لترتطم بجدار المصعد..
- -" هو ده تاثير ال.... ولا فعلا فيه زلزااااااااااا.......... "
- ولم تكمل عبارتها لانها أيقنت انه زلزال قوي ... وهي في المصعد .. وحدها .. لحظة رعب ..عندما سمعت صوت طرقات اسلاك الكهرباء اخذت تضغط على جميع الازرار دفعة واحده.. ثم انقطع التيار الكهربائي.. ظلام حالك ... ماتسمع الا صوت أنفاسها المتعالي الملاحق .. ودقات قلبها المفزعة..
- ماذا ستفعل .. هل ستبقى هنا الى ان يتم انقاذها .. اعتصرت وليدها بحركة لا ارادية وهي تحاول تهداته رغم انه لم يكن يبكي ... المصعد مازال مائلا .. ويعني هذا ان المبنى كله مائل .. يالهول .. فمن الجائز ان تحرق اسلاك الكهرباء ومسارات الغاز المبنى .. فان انتظار الانقاذ لجنون .. فسيحترق المبنى قبل ان يبحثو عن السيدة التى في الصعد مع وليدها .....
- * * *
- -"بابا انت بتهز العربيه ولا هي الارض بتعمل كده ليه "
- رفع راسه عصام بغير اكتراث وهو ينظر الى ابنه علي وهو يبتعد عنه داخل السيارة وقد امتقع وجهه وهو يشاهد والدة يبتعد عنه والارض تميل ميلا حادا ... واخذ الوقود الذي كان يزود به سيارتة يسكب على الارض .. انه زلزال ... وفجأة انهارت كل الاشياء على راسه.
- * * *
-
- شعرت سحر بان المصعد اهتز وارتد الى اسفل.. وكأن اسلاك المصعد تنذر بانه ما عاد يحتمله .. شهقت سحر شهقة رعب من هذا التفكير ووضعت ابنها على الارض ثم بدأت تحاول فتح بابا المصعد باصابعها دون جدوى .. ثم شعرت بالالم الذي يعتصر رحمها فوضعت يدها تتحسس بطبها .. ولمحت هذا الخيط الرفيع من الدم المتسرب عبر رجليها الى الارض .. وتيقنت انها تنزف .. فاخذت تضرب لوحة الازارار في عصبيه بلا جدوي .. لابد ان تعمل الازار .. لابد ..رفعت حقيبتها اليها محاولة ان تجد شيئا مجديا .. المقص .. نعم المقص .. استدارت الى باب المصعد وادخلت المقص وحاولت ان تفتح الباب
-
- * * *
- تحسس عصام راسة ووجد دم على اصابعة .. عليييييييييي !!...وصرخ
- -" علي .. انت فين .. انت فين يا علي .. "
- واخذ يبحث كالوحش الكاسر بين الصخور غير عابئ باصوات الانفجارات وصوت التهام النيران لانقاض .. وسمع صوت صغير يقول في وهن .."
- -" بابا ... انت فين انا خايف .. انت سايبني لوحدي ليه ..."
- ثم صوت بكاء .. ثم صرخ عصام باعلى صوته .."
- -" بابا هنا يا علي .. انا جايلك .. اوعي تخاف احنا رجاله .. " واعتصر الفزع قلبه وهو يقول بصوت اقرب الى البكاء
- -" انت فييييييييييين "..
- واخذ يبحث بحدقين واسعتين كالصقر بين الحطام ليجد جزء من السيارة .. وقد وقع عليها احدي اعمدة محطة الوقود .. هرع اليها بجسده الثقيل المتعرق وحاول جاهدا رفع الحطام المنثور على ظهرها ..
- -" على انت معايا .. خليكي معايا يا بابا انا شايفك اهه "
- ولكن دون اجابه ... افزعه ذلك مما جعله يزيح المعوقات بجنون الى ان وصل الى النافذة الخلفية .. فوجد ابنة وقد علق جسده بالمقلوب .. قدميه على الاريكة راسه متدلى منه على الارض .. هيا ايها الحطام .. لن اجعلك تعذب ولدي بدا ... ابدا .. يارب كن معنا ... يا رب ارحمنا .. يا رب وهنا اصبحت الرؤيه اوضح بمسافة تكفي لان يخرج الصغير من النافذة الخلفيه .."
- -" يا على .. غطي وشك يا بابا .. علشان هخبط الازاز واخاف حاجه تدخل في عنيك .. يا علي"
- وبحركة واهنة حرك الصبي ذراعة ليضعها على على وجهه.. وهنا حمل عصام حجرا ليكسر باقى الزجاج العالق بالنافذة ليخرج ابنه.
- * * *
-
-
- شهقت سحر عندما فتح باب المصعد بالمقص .. يبدو ان حيلة الضغط على الازار افلحت .. فتحت الباب ببطئ وشهقت عندما رأت المنظر .. لقد علقت بين طابقين .. وان كانت حاولت فتح المصعد قبل هذا الارتداد الاخير لكانت تماما امام فتحة الطابق ولكن .. فما بقى الا الربع العلوي من الباب يطل على الطابق .. ورفعت عيناها ونظرت اليه كانه شمس الحريه المطله من الزنزانه .. حسنا .. فإن من الراجح ان تقف على حقيبتها وتحاول دفع ابنها داخل هذة الفتحة .. مطت جسدها وفي معاناه فقزت قفزة صغيرة والقت صغيرها على ارض الطابق العلوي .. سمعت صوت ارتطام جسده الصغير مما جعل الصبي يفزع ويصرخ ويبدأ في البكاء
- -" معلش يا عمر انا جايه اهه يا حبيبي .. "
- والتقطت الحقيبه وحاولت قذفها مرارا عبر الفتحه ولالكنها كانت تعود اليها كل مرة ، مما جعلها تقفذ لكي تلقيها مرة اخرة .. وفلحت هذه المرة .. ولكن عندما لمست قدمها الارض اختل وزن المصعد ثانيه .. وانزلق مرة اخري في ارتداد.. مع صرخة فزع من حلقها...
- -"عمررررررررررررررر!!"
- * *

الجزء الثاني قال عصام في فزع-
-"علي.. تعالى لبابا يا حبيبي هات ايدك .. "
- سمع صوت بكاء الصبي وهو يقول ..
- "- انا ايدي تحت الكرسي .. مش قادر اشدها .. بتوجعني قوي يا بابا"
- .. تعالت ضربات قلب عصام عندما تابع بعينيه الى اين تستقر ذراعة، فوجدها محجوزة بين مقعد الطفل الذي قد افلت من مكانه وحجز ذراع الصغير بينه وبين المقعد المجاور للسائق .. فاستدار بجسده وأدخل ذراعة محاولا تحريك المقعد الى الامام باستخدام الزر المخصص لذلك .. ولكنه قد تحطم تماما مع الباب .. تبا لتلك السيارات اليابنيه اللعينه تحتاج لكتالوج في القيادة واخر في حال وقوع زلزال .. ولكن مهلا .. لقد تذكر ان صديقة في العمل ذكر له ذات مرة ان هذا النوع من السيارات يمكن ان تتحكم في ذات المقعد من لوحة التحكم الاساسية عند السائق .. ودهش يومها فيم قد يستخدم هذه الخاصيه .. والان بحث عن الزر المخصص لذلك .. اين هو .. اين .. ولحسن الحظ لم يصبه اذى .. والتف للجانب الاخر وادخل يده من خلال الزجاج النصف مفتوح .. وبحث في الازرار ووجده .. ايه ...نعم.. ارتفع ايها الكرسي .. .. هيا ... انه لا يرتفع ... اه نعم .. يجب ان يصل التيار الكهربي في السيارة .. ولكنه ان فعل ذلك .. فتزيد من فرصة انفجار السيارة .. اذاً الحل الوحيد ان اصل التيار في اللحظه التى اضغط فيها على زر المقعد فيتحرر وبعدها افصله ... نعم ... وحاول ان يدخل يديه الاثنين بصعوبة داخل نافذة السائق وضع اصبعا على زر بدأ التشغيل وإصبعا على زر تحريك المقعد وتوكل على الله
- * * *
- اخذت سحر تنتحب وتضرب باب المصعد بقبضتيها في غضب عارم .. وفاجئها صوت من فوقها يقول باللغة الانجليزيه الامريكيه ..
- -" هل انت بخير .."
- نظرت سحر لاعلى فوجدت وجه فتاه شقراء وقد جلست القرفصاء ومدت يدها داخل المصعد محاولة الوصول اليها .. قالت سحر بلهفة وبانجليزيه ركيكة
- - " الحمد لله .. ابني .. هل ترينه؟.."
- -" اسفة يا عزيزتي فليس غيري هنا وقد وجدت مصعدك اللعين يرتطم خلف ظهري تماما .."
- فكرت سحر لابد انها سقطت دورا كاملا فرفعت راسها مرة اخرى وقالت لها
- -" ارجوكي ان تبحثي عنه فهو في الطابق العلوي ... هل هناك سلم .. اي شيئ ؟..."
- -" اعتقد انه ليس يوم حظك .. فاصعدي وانظري الى كل هذه الفوضى .. انه يوم المرح .."
- تبا لهؤلاء الامريكين الذين يسخرون من كل شيئ ويعتقدون انهم ملوك الكوميديا..
- -" اذن ارجوكي اخرجيني من هنا .. "
- -" لك هذا يا عزيزتي .. تشبثي جيدا .."
- بعد معاناة قاتله .. استطاعت الفتاة الامريكية سحب سحر الى الاعلى .. وجذبتها عبر الثغرة بين الدورين .. وما ان زحفت بجسدها على الارض .. وصرخت صرخة قاتله .. وقالت الفتاة الامريكية في فزع ..
- -" يا الهي انك تنزفين .."
- -" اعلم .. فانا حامل في الشهر الخامس .."
- -" اوووه لا .. وماذا عن ابنك في الطابق العلوي .. كيف تركتيه هناك .. فلا شك انه فزع .. ويحاول البحث عنك ..."
- -" انه فقط 11 شهر .. فهو لن يبحث عني ولكنه بلا شك فزع .. وانا اشعر ان ظهري قد قُسم ... ولا استطيع التفكير كيف اصل اليه .. ساعديني .."
- -" اووه .. كيف تفعلين هذا بنفسك .. طفل اخر وطفلك لا يزال شهورا ... لا اعلم انتم الشرقيون لكم دائما حسابات اخرى .."
- -" ابحثى عن طفلي فاحسب ان هذة نهايتي .."
- قالتها واستسلمت للسكون التام .. واخذت الفتاة تهز جسدها في عنف ..
- -" يا سيدة .. ارجوكي .. لا ترحلى .. "
- * * *
- صوت محرك السيارة اثار هلع عصام وفرحتة في نفس الوقت.. يليه صوت تحرر المقعد.. لقد افلحت الخدعة .. .. رفع عصام اصبعة من على زر التشغيل وقام بسحب المفتاح ولكنه افزع عندما لم يتوقف المحرك عن العمل.. وادرك في ذات اللحظة ان السيارة ستشتعل لا محاله،، وخرجت صرخة من حلق ابنه لأن ذراعة متهالك ينزف.. وارتسمت ملامح الذعر على وجه عصام.. ستنفجر السيارة في اي لحظة ..يجب ان يسرع .. استدار عصام الى الباب الخلفى ليخلص ابنة في معاناه ، جذبه وحمله بين صراخات الم من ابنه وبكاء واستغاثات.. ودقات قلبه تكاد تنفجر قبل انفجار السيارة ،..وقد تدلي ذراع ابنه الى الناحيه الاخرى مكسورا في مشهد مريع ... سننتهي .. لقد علقت ملابس ابنه في الباب المتهتك ... لا يستطيع تخليص الملابس .. ولا يستطيع تخليص ابنة من الملابس لان ذراعة في اسوأ حال .. لقد انتهينا .. سننفجر ... سنصبح اشلاء .. ستتناثر قطع اجسادنا على الارض... راعه هذا المشهد واخذ يردد الشهادتين ...
- وفجاه توقف المحرك ...
-
-
- * * *
- فتحت سحر عينيها فوجدت انها مستلقية على الارض وحيدة .. فقامت بحركات متثاقله وزحفت قاصدة هذا العمد المتهدم ..واخذت تزيح بيديها الحطام فهذا هو مدخل السلم الى الطابق العلوي .. اخذت تزيح وتزيح وتزيح الى ان ظهرت لها كوة صغيرة تستطيع من خلالها ان تري الممر ... وهنا قاطها صوت من خلفها
- -" اذن انت شقيه لاتكفين عن البحث عن المتاعب هه"
- -ارجو ان تساعديني في البحث عن ابني.."
- -"يا سيدتي هذه الكوه لا تؤدي الى شيئ .."
- -" ارجوكي.. "
- فتنهدت الفتاه ووضعت حقيبة ظهرها على الارض واستمرت في ازاحة الحطام الى ان كونت فتحة تستطيع ان تعبر من خلالها بجسدها النحيل .. ونظرت الى سحر نظرة اخيرة قبل ان تزج بجسدها داخل الفتحة .. وظلت تعلق عيناها عليها الى ان غابت عنها .. وبعد عدة دقائق وجدتها امام الفتحة فنزلت القرفصاء وقالت لسحر بخيبة امل .
- -" اسفة يا سيده فلا يوجد اثر لشئ .. "
- ارتعد جسد سحر وصاحت غاضبة .....
- -" ازاي .. انت مابتشوفيش .. ابني هناك .."
- -" معذرة يا سيدتي ولكنى لا اتحدث الصينيه..."
- -" اذن .. ارجو ان تساعديني في تكبير هذة الفتحة لكي اكون معك "
- -" هل انت مجنونة ... لا احد غيرنا في هذا الطابع ولابد ان نبحث عن الطابق السفلى لا العلوي .."
- اخذت تبكي في الم فرق قلب الفتاه الشقراء وقالت
- -" لا بأس سافعل .. يبدوا ان قلبي سيقودني الى نهايتي.."
- * *
- جلس عصام في سكون بجانب السيارة ... في شعور بالاستسلام .. ثم وضع يده في جيبة واخرج الهاتف وطلب النجده
- -" ارجوك انا في توكيو في السوق التجاري الرئيسي وقد تدمر كل شيئ هنا .. زوجتى وابني داخل السوق .. وانا خارجة احتاج الى اسعافات لابني فذراعة سحقت تحت مقعد السياره .. ارجو ان تسرعوا .. فابني يتالم والمبنى يحترق .. "
- ثم وقع الهاتف من يدة وهو ينظر الى المبني الذي شب فيه النيران ... سحر وعمر ... سحر وعمر ... والتقط الهاتف مجددا وطلب رقم زوجتة ... لا يوجد شبكة ... فصرخ بأعلى صوته سحرررررررررررررررر

* * *

الجزء الثالث من الزلزال

صوت سيارات الاسعاف والحرائق تدوي في المكان .. يتقدم احد افراد الاسعاف الى عصام مهرولا ويحمل عنه علي ويضعه على نقاله .. والاخرون يحاولون اقناع عصام بان يتمدد على طاوله الاسعاف لان راسة وذراعة ينزفان .. ولكنه يأبى ويصرخ انه لابد ان يبقى لان زوجتة وابنه داخل السوق التجاري الذي يحترق .. ولكنهم باغتوه بحقنة مهدئة القت بجسدة على طاولة الاسعاف
- * * *
اخيرا استطاعت الفتاه الشقراء ان تسحب اخر قطعة في جسد سحر عبر الفتحة ثم قالت وهي تساعدها في النهوض..
-"هل تعتقدي ان بعد كل هذا النزيف لازال الجنين حي يرزق .. ؟"
قالت سحر غير عابئة
" اعطنى رقمك وساتصل بك عندما اراه (بالسونار) ..
صوت تحطم وسقوط اشياء يملئ المكان يعلوه صوت انفاس سحر .. وعينيها البنيتين المزعورتان تتابع انابيب المياه المنكسرة وسيل المياه على الارض .. وتشم رائحة غاز ... رائع .. هذا ما كنت بحاجة اليه ان ننتهي مخنوقين او محروقين
قالت لها الفتاه الشقراء
-" اسمي كيم .. كيمبرلي سميث .. من كندا "
قالت سحر دون ان تنظر اليها
-" مرحبا .. اسمي سحر .. مصريه .."
وجدت سحر فتحة اخرى بين الاعمدة المحطمة فجرت اليها .. وبدات في حمل القطع المتكسرة من عليها لتستطيع العبور .. فقالت كيم مرة اخرى ..
-" وكيف يتعامل وزجك مع طفلك هذا والذي تحملينه "
يالك من ثرثارة ..قكرت سحر
" زوجي لا يعلم .. حتى الان .. وانا كنت انوي ان اقول له عندما نكون في بلدنا بين عائلتي .. لاني اعرف انه من المحتمل ان يغضب غضب عارم .. ولا اريد ان اكون وحدي في اليابان .."
مدت جسمها العلوي عبر الفتحة وعبرت .. ما هذا .. وجدت بقايا سلم متهدم الى الاسفل .. وعشرات من الناس يفترشون الارض بين جريح وكسيح وخائف ومذعور .. لحظتها رفعت كل الاعين لها .. وكأنها النجده .. وزاد الصياح بلغات مختلفة طالبين العون .. فقالت سحر محاولة ان ترفع صوتها
-" اهدأوا قليلا .. سوف نطلب العون .. سوف اعود لكم ..بعد دقائق .."
انصرفت سحر وسط الهتافات وخلفها كيم المستنكرة
-" هيه توقف .. ماذا تظنين انك فاعله .. يجب ان نبقى في جماعة ؟؟ سوف يقع المبنى اللعين وسكون وحدنا"
-" كيم .. لك ان تبقى معهم .. علي ان اجد ابني .."
-" طالما لم تسمعى صوت بكاءة الى الان فهذا يعني انه ..."
انقضت عليها سحر في غضب ..
-" لا تقوليها انا ابنى بخير .."
واخذت تنظر بتفحص للمكان من حولها فعدد الفتحات قليل .. والحطام كثير .. والمياه بدات بالارتفاع ... فقالت كيم
-" اذن دعينا نفكر بشكل عملى .. طالما ان سلم النزول هاهنا .. فيجب ان يكون سلم الصعود في هذا الجانب.. اي هنا .."
واتجهت سحر على الفور اتجاه اشارة يد كيم وبدات رحلة عبور الانقاد .. والتعثرات وبدأ يتكشف امهامها بقايا سلم الصعود.. فقالت كيم
-" دعيني اصعد واري .."
-" ان لم اصعد .. وان لم ارى بعيني .. فساموت بكلمة ..لو.. "
تمسكت كيم بذراعيها جيدا في السلم .. ثم رفعت جسدها وصعدت .. ورفعت سحر بتثاقل شديد .. وقامت سحر واتجهت نحو فتحة باب المصعد ونظرت الى المكان الذي وضعت فيه ابنها عمر ولم تجده .. ولكنها وجدت المقص الذي فتحت به الباب .. انه ليس هنا ماذا يعني هذا .. هذا يعني ... انه حينما ارتد المصعد وهبط للمرة الثانيه .. يجب انه جذب الطفل معة وانه سقط فوق سقف المصعد ... ارتعشت سحر من هذا المشهد في راسها .. ونظرت داخل مدخل المصعد الكبير .. فوجدت المصعد معلق .. و .. تستطيع الان ان تميز غطاء طفلها ملقى على الارض هنااااااااااااااااااااااااااااااااك
* * *
استيقظ عصام ليجد نفسة ممدا على سرير في احدى المستشفيات .. يرتدي زي المريض .. وتكبلت يداه ببعض الاسلاك الناقلة للدم والمحاليل .. فانتفض واقفا ونزع كل هذة الانابيب عنه واتجة الى خارج الحجرة غير عابئ باستغاثات الممرضة وتوسلاتها له كي يرجع سريرة .. واستوقف عصام احد الاطباء المسرعين المارين من امامة .. اين ابنى ؟؟ ابنى على ... ذراعة مكسورة .. مول طوكيو ..هرع له طبيبا شابا وحاول تهدأته وقال له ان ابنه في غرفة العمليات .. وان ذراعة ليست بهذا السوء وان عليه ان يستريح .. ورفع عصام عينيه ليتابع الاخبار عبر التلفاز المعلق على الحائظ وقد كانت صورة مول طوكيو وهو يحترق ومحاولات سيارات الحريق اخماد الحريق ..
-" اعتني بولدي واطلعني على الاخبار على هذا الهاتف"
.. قالها عصام وهو مسرعا وقد كتب رقم هاتفة للطبيب على لوحة المتابعة الخاصة بالاخير.. واسرع تجاة المصعد وضغط على زر الارضي
* * *
خطرت فكرة اخرى الى ذهن وسحر واسرعت الى الفتحة وقد القت بها بعض القطع الاسمنتيه لكي تلو عن الارض ولا تكون هناك مسافة كبيرة اذا ما قفزت هبوطا من فوق السلم المتهدم ..... ثم بطت وسقطت على ذراعها في الدور الاسفل .. وتألمت ولكنها واصلت الركد متجهة الى الفتحة التي تؤدي للطابق الاسفل والتي رأت به تجمع الناجين .. تابعتها كيم وقد اعيا الماء والبرد جسدها .. وهي على تمام الوثوق بأن هذة المرأة المصرية قد مسها شيئا من الجنون من جراء الاحداث... توقفت لاهثة خلف سحر التي اتخذت من حطام الاعمدة منبرا لها وهي تنظر الى عيون الناس على بعد مترات في الاسفل .. وقالت سحر ..
ارجوكم .. الم يك احدكم في الدور بعد العلوي .. او العلوي .. هل راى احدكم طفل صغير رضيع عمرة اشهر بجانب المصعد ... ارجوكم .. هل يجيبني احد .."
تبادل الناس النظرات في اسى .. وكل ام احتضنت ابنها ورات ان الناس يحتضنون الاقارب والاصدقاء في في امتنان.. وتلك الفتاه اليابانيه جدا التي تشعرها وكانها راتها قبل ذلك وكانت الفتاه ترضع وليدها في حنان .. وبعضهم نكس راسه في حزن .. لا فائده .. في تلك الاثناء كانت كييم قد لاحظت شيئا .. لاحظت ان الجهه المقابله للشارع الرئيسي من الزجاج .. فتلقت بعض الطع الاسمنتية لتصل الى مستوي اعلى .. ثم وجدت عبر الناذة الزجاجيه تمر طائرات هيلوكوبتر لاطفاء الحريق في الجهه المقابلة من المبنى . وهنا صرخت كيم .. واخذت تلوح بيدها .. ولكن دون جدوى ..فصرخت في سحر ..
-" انت .. اعطيني هذا الحجر .. هيا ... ورفعت سحر اليها الحجر وتمسكت كيم جيدا واحكمت عقد ارجلها على العمد المائل على الجدار .. واخذت تضرب وتضرب الزجاج .. مرت بضع دقائق ولا تزال تضرب بحماس وقوه الى ان تصدع الزجاج .. وخلعت كيم تترتها والمنديل الذي ترتديه حول عنقها ووضعت الستره على بقايا الزجاج .. ورفعت جسدها الى ان جلست على النافذة واخذت تلوح بمنديلها وهي تصيح .. النجده النجده.

__ ___ ___ ___ __ __ __

النهايه

نزل عصام من التاكسي وشكره وقد اوصله الى المول عندما شرح له قصته .. واسرع في اتجاه سيارات الاطفاء وحاول ان يخترقها ولكن قوات الامن اوقفته وقالت له ان الحاله خطرة انظر الى تلك الفتاه التي تلوح هناك فنحن نحاول انقاذ الناجون بالداخل ولكن المبنى غير مستقر .. دب عصام يده جابنه محاولا الوصول الى الهاتف الذي هو في جيبه ولكنه تبن انه لازال بلباس المشفى ولا يمتلك هاتفا .. فلماذا كتب للطبيب رقم هاتفة .. لا يعلم .. المهم هو ان احصل على هاتف لاطلب سحر ....
توجه عصام الى الظابط وطلب منه في لهفة ان يستعمل هاتفة المحمول لان زوجته في الداخل .. سلم له الضابط الهاتف وذوق وطلب عصام رقم سحر ... وانتظر ..
* * *
دخلوا المنقذين الى داخل امبنى عبر الفتحة الزجاجيه التي صنعتها كيم واخذوا في اخلاء الناجين الفزعين محاولين السيطرة على النظام .. نظرت كيم الى سحر وقد كتبت على ورقة صغيرة رقم هاتفها واعطته لسحر وهي تقول ..
-" سرني التعرف اليك .. هذا هو رقمي ان فكرت في كارثة اخرى .. ان حكايتك غريبة لدرجة ستغريني ان انشرها .. نظرت لها سحر في صمت فحاولت انتبتسم ولكنها لم تستطع فقالت
-"لا تهتم يا عزيزتي.. المرة القادمة ساتاكد من انني تحت منضدة او مقعد "
-" هذا خطأ شائع عزيزتي .. هناك ما يسمى مثلث الحياة .. اذا حدث زلزال عليك الاختباء تحت ثقيل وثابت على الارض .. وتختبئي بجابنبه .. لان تحت المنضدة اذا وقع السقف سيمزقك اربا .. اذاً اعتقد انني سأتلقى اتصال منك .. "
قالتها وهي مبتسمه وابتعدت الى النافذة حيث جنود الانقاذ .. وهنا رن جرس الهاتف في مكان ما عند سحر .. اين اين .. اجل .. لقد نسيت انها وضعته في جيب بنطالها القماشي ... هناك شبكة؟ ..
-" الو ... مين "
-" سحر .. الحمد لله انك بخير ( صوت عصام اقرب الى البكاء) انت فيظ.."
-" عصاااااام ... انت كويس يا حبيبي ؟... على فين .. عامل ايه.."
-" على كويس في المستشفى .. دراعة بس اتجرح شويه .. انت مبتخرجيش ليه انت عمر .."
وهنا لم تعد ارجلها تحملها .. فسقطت على ركبتيها..
-" عمر ... انا .. انا ضيعتة يا عصا ام ضيعتة .. اتحبست في الاسانسير وحبيت اطلعة هو الاول .. انا مقدرتش احافظ علىولادنا يا عصام انا اسفة .. انا اسفة ..." ( صوت بكاء هستيري يسمعة عصام عبر الهاتف )
-" لا حول ولا قوة الا بالله ... لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول وقوة الا بالله "
ظل يرددها عصام وهو يضرب عمد الاضاءة المعدني الذي كان يسند عليه برأسة وقدمة..
-" انا مستنيكي تحت يا سحر ..." ( واغلق الخط )
سحر جاثمة على ركبتيها في الارض.. تبكي .. وحيده.. فستبقىهنا الى ان يحترق المبنى كله .. كيف لها ان تكمل حياتها من دون عمر .. عمر... انها تسمع صوته يبكي .. اه عمر .. رفعت عيناها لتجد جندي الانقاذ وهو يحمل طفل يبكي يشبة عمر .. وامامة الفتاه اليابانية جدا التى تشبه فتيات الانيمي ... تحاول افهام الجندي شيئ ما ... والطفل ينظر الى سحر ويمد يديه وهو يبكي ... انه . . عمر ... عمر .. انقضت عليه وانزعته من يد الجندي وعانقتة بشده امام اعين الجندي المتصلب الذي لا يفهم شيئا .. نظرت الى وليدها الذي يبتسك لها ويضع رسغه في فمه كعادته .. ضحكت وضحكت ... نظرت الى الفتاه اليابانية التي ابسمت بدورها واخذت تشير الكثير من الاشارات التي لا تفهم سحر منها شيئا .. تبا لك ... انت ثرثارة .. ولكن لا يهم .. المهم انها وجدت عمر ..
* * *
الخاتمة

ظل عصام ينكس راسة في حزن شديد .. ولم يرفعها الا عندما سمع صوت سحر تناديه .. وعندما رفع رأسه تسمر في مكانه ... وتحجرت عيناه .. وما هذا السائل الدافء الذي يتدفق منها .... سحر وعمر ... سحر وعمر ابني .... انقض عليهما انتشلهما من على الارض في فرحة عارمة ..
-" ازاي ؟..."
-" لا تسأل.." قالتها سحر بوهن .. وناولته الصغير ... وكانا المسعفان اللذان يحملان النقال خلفها مباشرة .. فلحقاها قبل ان تسقط .. فقالت سحر وهي تتمدد على السرير ..
" عصام .. انا حامل في الشهر الخامس .."
قالتها وغابت عن الوعي ... وصرخ عصام
"نعمممممممممممممم!!!"
ولكن الغريب انه لم يكن غاضبا .. فقد ظن انه فقد احد ابناءه .. والان جازاه الله بواحد اخر .. فليكن
تمت بحمد الله